الصراع بين ادمان العلاقات المحرمة والحرمان من العلاقة الجنسية السوية

إذا كنت من محبين المسلسل الأمريكي الشهير (Desperate housewives) فربما تعرف بيتر الذي تعافى من ادمان العلاقات المحرمة، وتحدث عن معاناته مع هذا المرض عن طريق الابتعاد عن العلاقات العاطفية، وعدم قدرته على المواعدة بسبب سهولة إثارته، ليعاني من الانتكاس، ويبدأ العلاج مرةً أخرى من الصفر، لذلك وجدنا أنه من الأفضل الحديث عن الهوس الجنسي في السطور القادمة.

أسباب ادمان العلاقات المحرمة

حتى الآن، لا يوجد أسباب مؤكدة لإدمان العلاقات المحرمة، إذ يعتقد بعض العلماء بوجود بعض النظريات قد تكون لها دوراً كبيراً في هذا الإدمان:

• عدم توازن المواد الكيميائية في الدماغ التي تُعرف بالنواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين، والنورابينفرين المسئول عن زيادة الرغبة والسلوكيات الجنسية.
• قد تسبب بعض الأمراض العصبية مثل الخرف أو الصرع أو اضطراب ثنائي القطب تلف الفص الجبهي أو اللوزة العصبية أو قشرة الفص الجبهي مسببة زيادة النشاط الجنسي.
• حدوث تغييرات في وظائف الدماغ التي تخلق مسارات عصبية جديدة لتحفيز السلوكيات الجنسية.
• الآثار الجانبية لبعض الأدوية مثل الليفودوبا الذي يُستخدم لعلاج شلل الرعاش.
• إدمان الكحول والمواد المخدرة مثل الكوكايين والأمفيتامين.

أعراض ادمان العلاقات المحرمة

على الرغم من عدم وجود معايير محددة تتبعها لمعرفة اعراض ادمان العلاقات المحرمة، ولكن يوجد بعض الأعراض الشائعة التي قد تمكنك من التعرّف على مدمن العلاقات المحرمة، وهي:

• الهوس بالجنس

يعيش مدمن العلاقات المحرمة في خيالاته الجنسية، ويفكر في وسائل عديدة للحصول عليها وتحقيقها.

• ممارسة العادة السرية

إذا كان من الصعب تحقيق تلك الخيالات الجنسية التي تسيطر عليه، فقد تكون دافعاً قوياً لممارسة العادة السرية يومياً أكثر من مرة.

• مشاهدة الأفلام الإباحية

قد تصبح مشاهدة الأفلام الإباحية المتنفس الوحيد لمدمن العلاقات المحرمة في كثير من الأحيان لمشاهدة خيالاته الجنسية يحققها غيره، ليعيش تفاصيلها معه عن طريق ممارسة العادة السرية في أثناء مشاهدة تلك الأفلام.

• مضيعة الوقت في التخطيط للجنس

يضيع وقت المدمن في التفكير في كيفية ممارسة علاقاته المحرمة، وتحديد زمان ومكان الشهوة الجنسية القادمة.

• استخدام الخدمات الجنسية

يبحث مدمن العلاقات المحرمة عن الخدمات الجنسية على الإنترنت مثل المكالمات الهاتفية الجنسية أو غرف الدردشة الجنسية.

كما يصبح ضيفاً دائماً في بيوت الدعارة، والملاهي الليلية للبحث عن صيد جديد لعلاقاته الجنسية سواء كان لمدة ليلة واحدة أو ممارسة تلك العلاقة مع أكثر من شخص في وقت واحد.

• السلوكيات الجنسية المتهورة

قد يضيف المدمن بعض الإثارة الجنسية إلى علاقاته المحرمة، ليندفع نحو الشذوذ الجنسية بقوة مثل السلوكيات الجنسية السادية أو المازوخية التي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان مثل الخنق.

كما يرغب في تجربة التحرش الجنسي بالأطفال أو الاستمتاع بمشاهدة الآخرين في أثناء ممارسة العلاقة الجنسية أو تعرية الأعضاء التناسلية للعامة.

• اختفاء الوازع الديني

يختفي الوازع الديني داخل نفس المدمن، ويندفع نحو أهوائه الجنسية ضارباً بالقيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والمجتمعية عرض الحائط.

• فقدان السيطرة

يفقد المريض السيطرة على رغباته الجنسية التي تستحوذ عليه كلياً على الرغم من عواقبها السلبية من الناحية المادية، والصحية، والعاطفية، والأسرية.

كيفية تشخيص ادمان العلاقات المحرمة

على الرغم من عدم وجود معايير تشخيصية يتبعها الطبيب إلا أنه يعتمد على مهارته في التعامل مع مثل هذه الحالات لتشخيصها تشخيصاً صحيحاً عن طريق طرح بعض الأسئلة عن:

• الصحة العامة للمريض، والتاريخ العائلي، والأدوية والمكملات الغذائية التي يستخدمها المريض.
• المخدرات والكحول التي قد يدمنها المريض.
• الرغبات والسلوكيات الجنسية ومدى سيطرة المريض على هذه الرغبات.

وقد يطلب الطبيب المعالج الحديث مع أحد أفراد الأسرة للحصول على مزيد من المعلومات عن حالة المريض.

كما يساعد المريض على مواجهة الأمراض النفسية المصاحبة لهذه الحالة المرضية مثل:

• الاكتئاب.
• اضطراب ثنائي القطب.
• القلق.
• الوسواس القهري.
• متلازمة توريت.
• زيادة معدل الأندروجين.

علاج ادمان العلاقات المحرمة

يعتمد علاج ادمان العلاقات المحرمة على عدة حلول منها الأدوية، والتقنيات النفسية، والجلسات النفسية الجماعية.

• الأدوية

لا يوجد علاج دوائي مخصص لعلاج إدمان العلاقات المحرمة، ولكن يستطيع الطبيب استخدام الأدوية التي تتحكم في كيمياء المخ للسيطرة على الرغبات والسلوكيات الجنسية، وأهمها:

• مضادات الاكتئاب

تُعد مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية خط الدفاع الأول الذي يلجأ إليه الطبيب في كثير من الأحيان لعلاج ادمان العلاقات المحرمة.

• مضادات الأندروجين

تستهدف هذه الأدوية الهرمونات الذكورية لتقليل الهوس الجنسي، وقد تكون فعالة مع الحالات المرضية التي تقع في مواقف تتعلق بالسلوكيات الجنسية الاندفاعية، ويصبح مؤذياً لنفسه ولمن حوله.

• النالتريكسون

يُستخدم النالتريكسون في علاج إدمان الكحول والمخدرات الأفيونية، ولكنها أثبتت فعاليتها في علاج إدمان القمار والعلاقات المحرمة.

• مضادات القلق

قد يوصي الطبيب باستخدام مضادات القلق عندما يكون ادمان العلاقات المحرمة ينبع من المعاناة من اضطراب القلق العام مثل البوسبيرون.

• مضادات الانفصام

قد يلجأ الطبيب في بعض الحالات إلى الأدوية المضادة للانفصام إذا كان الهوس الجنسي يصاحبه اضطراب في التفكير وعدم القدرة على اتخاذ القرارات السليمة أو السلوك العدائي الشديد.

وقد تساعد على تقليل الرغبة الجنسية خاصةً إذا كان المريض يعاني من فرط الحركة وتشتت الانتباه المرتبط بالسلوكيات الجنسية الخطيرة مثل دكستروأمفيتامين (dextroamphetamine)، وميثيل فينيدات (methylphenidate).

• مثبتات المزاج (Mood stabilizers)

تصبح مثبتات المزاج مفيدة إذا كان المريض يعاني من اضطراب ثنائي القطب الذي يسبب الهوس الجنسي والسلوكيات الاندفاعية مثل الليثيوم، وكاربامازيبين، وفالبروات الصوديوم.

• العلاج النفسي

يتضمن العديد من التقنيات النفسية التي تستهدف علاج المريض بالإضافة إلى العلاج الأسري والاستشارات الزوجية لإصلاح مع أفسده ادمان العلاقات المحرمة، ومن أهم هذه التقنيات:

• العلاج السلوكي المعرفي

يُعد من أشهر التقنيات النفسية لعلاج أنواع كثيرة من الإدمان التي تركز على استبدال الأفكار والسلوكيات السلبية لمواجهة الهوس الجنسي بوسائل علاجية متقدمة.

• القبول والالتزام

تعتمد هذه التقنية على استراتيجية تقبل المرض، ومساعدة المريض على كيفية التعامل مع الأفكار التي تؤرقه بدلاً من محاولة تغييرها بالقوة

• المقابلات التحفيزية (Motivational interviewing)

ترشد هذه التقنية المريض إلى محاولة استكشاف ادمان العلاقات المحرمة في سياق القيم والمبادئ والأهداف الشخصية الذي يحاول تحقيقها في حياته لعلاج التناقضات.

• الجلسات النفسية الجماعية

تعتمد هذه الجلسات على اتباع برنامج الإثنى عشر خطوة الذي ابتكرته منظمة مدمني الكحول المجهولين، وشمل علاج ادمان المخدرات، والعلاقات المحرمة.

عواقب العلاقات المحرمة

إذا لم يطلب المريض المساعدة أو لم يساعده أحد أفراد الأسرة أو أحد المقربين، فقد يواجه بعض العواقب الوخيمة مثل:

• يفقد المريض العلاقة الطبيعية السوية مع زوجته، وتتأثر علاقته بأبنائه تأثراً سلبياً بسبب سلوكياته الجنسية المخزية.
• يتراجع أداء المريض في العمل حتى يفقد وظيفته بسبب مشاهدة الأفلام الإباحية بدلاً من التركيز في عمله.
• تأثر حياته المادية بسبب ضياع نقوده على الخدمات الجنسية.
• ينتهي الحال بالمريض إلى دخول عالم إدمان المخدرات والكحول.
• قد تسبب تلك العلاقات المحرمة الإصابة بأحد الأمراض الجنسية مثل الزهري أو الإيدز أو التهاب الكبد الوبائي.
• قد ينتج عن هذه العلاقات المحرمة الحمل، وولادة طفل لا تعرف من أبوه.
• قد ينتهي الحال بالمريض إلى دخول السجن بسبب مخالفة القانون، وممارسة الأعمال المنافية للآداب سواء في المناطق العامة أو في بيوت الدعارة والملاهي الليلية.
• يتعرض للإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب، والقلق، والضغط العصبي، والتفكير في الانتحار.
• الشعور بالذنب والعار بسبب كثرة العلاقات المحرمة، وعدم القدرة على السيطرة على هذا النوع من الإدمان.

أهم الأسئلة الشائعة

جمعنا لك أهم الأسئلة الشائعة التي قد تخطر على بالك بخصوص ادمان العلاقات المحرمة:

كيفية الوقاية من ادمان العلاقات المحرمة؟

يعتمد الوقاية في هذه الحالة على السبب الرئيسي لادمان العلاقات المحرمة، فقد يكون عصوياً بسبب حدوث التغيرات الدماغية في النواقل العصبية والهرمونات أو عرضاً مصاحباً لمرض نفسي يحتاج إلى علاج.

ولكن إذا كنت لا تملك السيطرة الكاملة على جميع العوامل التي تسبب الإدمان، فقد تملك السيطرة على بعض الأشياء التي تؤثر في الأفكار والسلوكيات والرغبات الجنسية مثل:

• التوعية بإدمان العلاقات المحرمة

لا بد من معرفة كل ما تحتاجه عن الهوس الجنسي التي تبدأ بقراءة هذا المقال أو تزور أحد الأطباء النفسيين المتخصصين في علاج هذه الحالات.

• معرفة المحفزات

لا بد من الابتعاد عن مشاهدة الأفلام الإباحية أو الذهاب إلى الملاهي الليلية وبيوت الدعارة.

• علاج الإدمان

إذا كنت تعاني من إدمان المخدرات او الكحول، فلا بد من طلب المساعدة في العلاج، فهما من أقوى المحفزات الجنسية.

• علاج الأمراض النفسية

لا بد من علاج الأمراض النفسية المسببة لمشكلة ادمان العلاقات المحرمة التي قد تتمثل في الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ثنائي القطب أو الوسواس القهري.

• تشتيت التفكير الجنسي

لا بد من توجيه تفكير المريض نحو ممارسة الأنشطة والهوايات التي يحبها لتشتيت تفكيره عن الجنس، وملء وقت فراغه مثل ممارسة الرياضة، أو اليوجا أو التطوع في الجمعيات الخيرية.

• الصبر

يُعد ادمان العلاقات المحرمة مرضاً مزمناً يحتاج إلى الصبر والالتزام بالعلاج، ومقاومة الانتكاس.

هل يوجد علاقة بين الاكتئاب وادمان العلاقات المحرمة؟

قد يوجد علاقة وثيقة بينهما في حالات الاكتئاب الشديدة التي يلجأ فيها المريض إلى الهروب من الاكتئاب عن طريق ممارسة الجنس بكثرة.

كيف أدرك معاناتي من ادمان العلاقات المحرمة؟

إذا كانت الأفكار والسلوكيات الجنسية تسبب لك ضغطاً نفسياً وعصبياً خاصةً إذا كنت:

• لا تستطيع النوم بسبب سيطرة أفكارك عليك.
• تصل إلى عملك في وقت متأخر.
• تتجاهل التزاماتك المادية والاجتماعية والأسرية.
• تكذب كثيراً.
• تقضي وقتاً طويلاً في مشاهدة الأفلام الإباحية.
• تذهب إلى أماكن غير معتاد على الذهاب إليها في حياتك العادية مثل الملاهي الليلية والبارات.
• تبحث عن مستويات أعلى من الإثارة الجنسية للحصول على نفس المعدل من الشهوة الجنسية في كل مرة.
• تتأثر مادياً بسبب الإنفاق على الخدمات الجنسية بشراهة.
• تستهلك طاقتك النفسية والعصبية في التفكير في الرغبات والخيالات الجنسية.
• لا تستطيع السيطرة على رغباتك الجنسية رغم تعارضها مع القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية.
• تشعر بالعار والذنب والوحدة، وتزداد رغبتك في الانتحار بعد انتهاء الممارسة الجنسية.

ختاماً، بسبب صعوبة تشخيص ادمان العلاقات المحرمة الذي يحتاج إلى اعتراف المريض بمرضه حتى يتقبل العلاج الذي يعتمد على الالتزام حتى تصل إلى بر الأمان، لذلك تعتمد هذه الرحلة على الإدراك بوجود مشكلة واختيار البدء في رحلة العلاج، ونحن في مستشفى الحرية للطب النفسي وعلاج الإدمان في انتظارك.

المصادر

المصدر الأول

المصدر الثاني

المصدر الثالث

المصدر الرابع

المصدر الخامس