وقعت على أمي بسبب تعاطي الخمر مآساتي فإياك والتعاطي!
تعاطي الخمر، هذه السائلة الشيطانية التي تفسد العقول والأجساد والأرواح، وتهدم الأسر والمجتمعات، وتجر الناس إلى الهلاك والنار. كم من شخص أفسد حياته وحياة من حوله بسبب تعاطي الخمر، وكم من مأساة وحادثة وجريمة وقعت بسبب تأثير الخمر على النفوس والسلوكيات.
في هذا المقال، سنتعرف على قصة حقيقية لشاب مسلم تعاطى الخمر ووقع في فخها، وكيف أنها أودت به إلى قتل أمه التي كانت تحبه وترعاه، وكيف أنه ندم على فعلته وبكى دماً، وكيف أنه لم يجد من ينقذه من عقاب الدنيا والآخرة.
كما سنتعرف على حكم الخمر في الإسلام، وأشكال الخمور المختلفة التي تنتشر في عصرنا، وعوامل تساعد على العلاج من تعاطي الخمر والوقاية منها، نسأل الله أن يحفظنا ويحفظكم من شر الخمر وما أشبهها، وأن يهدينا ويهديكم إلى الصراط المستقيم.
تعاطي الخمر مآساتي فإياك والتعاطي!
كانت تلك الليلة الأسوأ في حياتي و كنت قد شربت الكثير من الخمر في حفلة مع أصدقائي، ولم أكن أدرك ما أفعله. عندما عدت إلى بيتي، وجدت أمي تنتظرني بقلق، حاولت أن أتجاهلها وأصعد إلى غرفتي، لكنها أمسكت بي من ذراعي وسألتني عن سبب تأخري ورائحة الخمر التي تفوح مني.
لم أستطع أن أتحمل ضغطها وغضبها، فانفجرت في وجهها وصرخت: “اتركيني وشأني! أنا لست طفلاً صغيراً! أنا حر في حياتي! أنت لا تفهمين شيئاً عن الحياة الحقيقية!” ثم دفعتها بقوة عني، فسقطت على الأرض وضرب رأسها بالحائط، لم أكترث لها وصعدت إلى غرفتي وأغلقت الباب خلفي.
صاعقة تعاطي الخمر
في الصباح التالي، استيقظت على صوت الجرس، نزلت إلى الباب وفتحته، فوجدت رجلين يرتديان زي الشرطة. قال أحدهما لي: “هل أنت ابن السيدة فلانة؟” قلت له: “نعم، ما الأمر؟” قال لي: “نأسف لإخبارك بأن والدتك قد توفيت ليلة أمس بسبب نزيف في الدماغ.
عثرنا على جثتها في المطبخ ويبدو أنها سقطت بعد أن دفعها شخص ما. هل تعرف من هو؟” شعرت بصدمة كبيرة ورعب شديد. أدركت أنني أنا من قتل أمي بسبب تعاطي الخمر و بكيت بحرقة وندم وقلت: “أنا أنا أنا… أنا من دفعها… أنا من قتلها… أنا سكران… أنا آسف… أنا آسف…” لم يصدق الشرطيان كلامي، فاعتقدوا أنني أحاول التستر على الجاني.
ألقوا القبض علي وأخذوني إلى مركز الشرطة وهناك، تم التحقيق معي وأخذ عينة من دمي لفحصها وتبين أنها تحتوي على نسبة عالية من الكحول بسبب تعاطي الخمرو تم اتهامي بالقتل العمد وحبسي في زنزانة.
رجاء النادم من تعاطي المخدر
هذه هي قصتي المأساوية التي حدثت بسبب تعاطي الخمر، أرجوكم، اياكم والتعاطي! فالخمر أم الخبائث، وهي تسبب الفساد والضرر في الأرض، الخمر تغيب عن العقل وتجعل الشخص لا يعي ما يفعله. قد يقتل أو يجرح أو يغتصب أو يسرق أو يفعل ما لا يحمد عقباه.
حكم الخمر في الاسلام
تعاطي الخمر ينتهك حرمة الأنفس والأعراض والأموال، الخمر تبعد عن الله وتقطع الصلة بين العبد وربه كما ان تعاطي الخمر تحرم في الإسلام وتعد من الكبائر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل مسكر خمر، وكل خمر حرام” [رواه مسلم].
أشكال الخمور المختلفة
الخمور ليست فقط العصائر التي تحتوي على الكحول، بل هناك أشكال أخرى من المواد المسكرة التي انتشرت في عصرنا بأسماء وأشكال مختلفة، منها ما يسمى المشروبات الروحية والمشروبات المعنوية وغيرها من المسميات الاخرى. هذه المواد تحمل نفس الأضرار والحكم الشرعي للخمر، بل ربما أكثر. فهي تدمر الصحة والعقل والمال والأسرة والمجتمع.
فلا تنخدعوا بأسمائها الجميلة أو بمن يروجون لها أو بمن يدعون أنها تسبب السعادة والمتعة، فهي في الحقيقة تسبب الشقاء والعذاب والندم.
شاهد ايضا أهم اضرار الخمرعلي الجسم.
عوامل تساعدك على العلاج من تعاطي الخمر
إذا كنت تعاني من إدمان الخمور أو المواد المسكرة الأخرى، فلا تيأس من رحمة الله ولا تستسلم للشيطان، بل ابحث عن العلاج والمساعدة من أهل الخبرة والاختصاص، هناك مراكز ومؤسسات تقدم خدمات العلاج والتأهيل للمدمنين مثل مركز الحرية للطب النفسي وعلاج الادمان وتساعدهم على التخلص من هذا الداء الخبيث كما أن هناك أساليب وطرق نفسية وروحية تساعد على التغلب على الإدمان والوقاية منه. منها:
- الإيمان بالله والتوكل عليه والدعاء إليه والاستغفار منه والتقرب إليه بالعبادات والطاعات.
فالله هو الشافي والمعين والمجيب. قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها” [رواه أحمد والترمذي].
- الاستعانة بالأهل والأصدقاء والمقربين والمشورة منهم والاعتراف بالمشكلة وطلب المساعدة منهم.
فهم يحبونك ويساندونك وينصحونك ويشجعونك ويحمونك من الوقوع في الفخ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة” [رواه مسلم]. وقال: “من استشار أخاه المؤمن فقد استشار الله” [رواه الترمذي].
- الابتعاد عن المناسبات والأماكن والأشخاص الذين يدعون إلى الخمر أو المواد المسكرة الأخرى أو يتعاطونها أو يروجونها.
فهم يضعفون عزيمتك ويغرّونك ويضلّونك ويورطونك في المشاكل والمخالفات، قال الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} [هود: 113] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” [رواه أبو داود والترمذي].
- الانشغال بالأنشطة والهوايات والمهارات النافعة والمفيدة والممتعة التي تملأ وقتك وتنمي مواهبك وتزيد ثقتك بنفسك وتحقق لك الرضا والسعادة.
منها الرياضة والقراءة والكتابة والرسم والموسيقى والتصوير والبرمجة والتطوع والسفر وغيرها. فهذه الأنشطة تحسن صحتك وعقلك ونفسيتك وتجعلك تشعر بالفخر والإنجاز والتقدم و قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه” [رواه البيهقي].
- البحث عن العلم والتعليم والتحصيل العلمي والمهني والاجتهاد في الدراسة والعمل والتفوق فيهما.
فالعلم والعمل هما السبيل إلى النجاح والتميز والرفعة والكرامة في الدنيا والآخرة فالعلم ينير العقل والقلب والعمل يثمر الخير والبركة. قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]. وقال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” [رواه ابن ماجه] وقال: “الكسب الحلال حسنة” [رواه البخاري].
خلاصة حديثنا عن تعاطي الخمر
في الختام، نحن ندعو جميع الناس إلى الابتعاد عن تعاطي الخمر والمواد المسكرة الأخرى، وإلى الالتزام بالإسلام والتقوى والعفة والصلاح فهذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على السلامة والسلام والرضا في الدنيا والآخرة.
ونحن نحذر من الوقوع في تعاطي الخمر، هذا الفساد العظيم، وننصح بالتوبة والإنابة والاستغفار والعلاج لمن وقع فيه فالله غفور رحيم، وهو يقبل التائبين ويغفر الذنوب و قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] والحمد لله رب العالمين.
