تجربتي مع ابني المدمن هي حكاية أمل أم مثابرة ومخلصة، ربت ثلاثة أولاد بمفردها بعد وفاة زوجها في حادث سيارة عندما كان الأكبر عمره ١٠ سنوات والأصغر عمره سنتين وكانت تعمل كمدرسة في مدرسة حكومية وتحاول أن توفر لأبنائها كل ما يحتاجونه من تعليم ورعاية وحب، كانت تفخر بأن أبنائها كانوا متفوقين في دراستهم ومحبوبين من زملائهم ومعلميهم.
لكن الحياة لم تكن سهلة على أمل، فقد واجهت العديد من التحديات والصعوبات في تربية أبنائها والتكفل بمصاريفهم ومتطلباتهم. كانت تعاني من ضغوط العمل والمسؤولية والوحدة والحزن. كانت تحاول أن تكون قوية ومتفائلة أمام أبنائها، لكنها في الحقيقة كانت تشعر بالإرهاق والإحباط واليأس.
ومن بين أبنائها، كان الإبن الأوسط، احمد، هو الأكثر تأثرا بوفاة والده، كان أمانة طفلا هادئا وخجولا وحساسا. كان يحب والده كثيرا وكان يعتبره قدوته وصديقه. عندما فقد والده، شعر بالحرمان والظلم والغضب، لم يستطع أن يتقبل الواقع ولم يجد من يفهمه ويسانده ثم بدأ ينعزل عن أهله وأصدقائه ويفقد الاهتمام بدراسته وهواياته. بدأ يبحث عن متنفس لمشاعره المكبوتة وعن مخرج لمعاناته المستمرة.
الصحبة السيئة و ابني المدمن
في إحدى الأيام، قابل احمد في المدرسة زميلا جديدا اسمه سامي. كان سامي شخصا مرحا ومغامرا ومتهورا و كان يحب أن يجرب كل شيء جديد ومثير وخطير. كان يتعاطى المخدرات بإنتظام ويدعو زملائه للانضمام إليه.
عرض على احمد أن يجرب الحشيش، وهو مخدر يستخرج من نبات القنب الهندي، ويقال إنه يسبب الإسترخاء والنشوة والهلوسة. قال له أن الحشيش ليس خطيرا ولا يسبب الإدمان، وأنه يمكنه أن ينسى به همومه ومشاكله.
في البداية، رفض احمد عرض سامي، وقال له أنه لا يريد أن يتعاطى المخدرات، وأنه يعرف أنها تضر بالصحة والعقل والدين. لكن سامي لم يستسلم، واستمر في إغراء احمد وإغوائه وإجباره.
قال له أنه لا يجب أن يخاف أو يتردد، وأنه لا يجب أن يكون جبانا أو مملوكا. قال له أنه لا يجب أن يفوته فرصة الاستمتاع بحياته والتمتع بحريته ،قال له أنه لا يجب أن يسمع لكلام أمه أو معلميه أو أي شخص آخر، وأنه يجب أن يفعل ما يشاء وما يحب وقال له أنه سيكون صديقه الحقيقي والوحيد، وأنه سيساعده على تخطي كل العقبات والصعاب.
أستسلام وتعاطي
بعد مقاومة طويلة، إستسلم احمد ابني المدمن لضغوط سامي، وقرر أن يجرب الحشيش مرة واحدة فقط، ظنا منه أنه لن يضره أو يؤثر عليه. لكنه لم يدرك أنه بذلك دخل في دائرة الإدمان المغلقة، وأنه بدأ رحلة نحو الهلاك والضياع.
عندما تعاطى أمانة الحشيش لأول مرة، شعر بشعور غريب لم يشعر به من قبل، شعر بأنه طار من فوق الأرض وسافر إلى عوالم أخرى و شعر بأنه نسي كل ما يؤلمه ويزعجه. شعر بأنه سعيد ومرتاح ومبدع كما شعر بأنه أصبح شخصا آخر، أفضل وأقوى وأجمل، لكن هذا الشعور لم يدم طويلا، فبعد ساعات قليلة، عاد أمانة إلى واقعه المرير، وشعر بالصداع والغثيان والقلق والاكتئاب و شعر بأنه فقد شيئا ثمينا، وأنه يحتاج إلى المزيد من الحشيش ليستعيده.
تأثير الادمان علي حياتة
وهكذا بدأ احمد ابني المدمن يتعاطى الحشيش بشكل منتظم، ويزيد من جرعاته تدريجيا و بدأ يهمل دراسته وواجباته وصلاته ونظافته. بدأ يتغيب عن المدرسة ويتأخر عن البيت ويختلف مع أمه وإخوتة كما بدأ يصرف كل ما يملك من مال على شراء الحشيش ويقترض من أصدقائه ويسرق من أهله وجيرانه كما بدأ يتعرض للمخاطر والمشاكل والمضايقات من قبل تجار المخدرات ورجال الشرطة والعصابات. بدأ يفقد شخصيته وكرامته وإنسانيته.
لم تكن أمل على علم بما يحدث لابنها، فهي كانت مشغولة بعملها وباقي أبنائها و كانت تلاحظ بعض التغيرات في سلوكه ومظهره، لكنها كانت تعزوها إلى مرحلة المراهقة والتمرد و كانت تحاول أن تتحدث معه وتنصحه وتهتم به، لكنه كان يرفض الحوار ويتجاهل النصيحة ويستهتر بالاهتمام. كانت تحاول أن تثق به وتحترم خصوصيته وتدعم قراراته، لكنه كان يخدعها ويخفي عنها حقيقته ويستغل ثقتها.
كيف أكتشفت الأم أن إبنها مدمن
وفي إحدى الليالي، حدثت المفاجأة الصادمة. عاد احمد ابني المدمن إلى البيت في حالة سيئة، كان متعبا ومنهكا ومتسخا، كان عيناه متوهجتين وفمه متقرحا وأنفه متنزفا وكان يتلعثم في كلامه ويترنح في خطواته ويتأوه في ألمه ولم يستطع أن يصل إلى غرفته، فسقط على الأرض في الممر وفقد وعيه.
سمعت أمل صوت سقوطه، فخرجت من غرفتها لترى ماذا حدث. وعندما رأته في هذه الحالة، انفجرت في البكاء والصراخ واستيقظ الأخوان الآخران من نومهما، فجاءا لمساعدة أمهما. حملوا أمانة إلى السيارة، وسارعوا به إلى المستشفى.
في المستشفى، تبين أن احمد ابني المدمن كان يعاني من جرعة زائدة من الحشيش، وأنه كاد أن يموت و أجريت له الفحوصات والتحاليل اللازمة، وأعطيت له الأدوية والمحاليل المناسبة و بقي في العناية المركزة لمدة يومين.
ثم نقل إلى غرفة عادية كما كانت أمل ترافقه طوال الوقت، وتصلي لله أن يشفيه ويعافيه وكانت تبكي وتندم على عدم ملاحظتها لما يحدث لابنها، وعلى عدم مساعدتها له في وقت مبكر وكانت تلوم نفسها وتتهم نفسها بالإهمال والفشل.
عندما استعاد احمد ابني المدمن وعيه، شعر بالخجل والندم والحزن وشعر بأنه أخطأ بحق نفسه وأمه وإخوته. شعر بأنه أضاع حياته ومستقبله و شعر بأنه لا يستحق المحبة والرحمة والغفران. شعر بأنه لا يستطيع الخروج من دائرة الإدمان والعودة إلى الحياة الطبيعية، شعر بأنه لا يملك القوة والإرادة والثقة.
ماذا أفعل عندما أعلم أن ابني المدمن
لكن أمل قالت لن أتخلى عن ابني المدمن، بل كانت تحاول أن تشجعه وتدعمه وتساعده. كانت تحاول أن تبين له أنها تحبه وتفهمه وتقبله وكانت تحاول أن تبين له أنه ليس وحيدا ولا مهزوما ولا مستسلما. كانت تحاول أن تبين له أنه لا يزال لديه فرصة للتغيير والتحسن والنجاح وكانت تحاول أن تبين له أنه لا يزال لديه أمل واحمد.
أفضل مكان لعلاج الإدمان
وبعد أن تحسنت حالة احمد ابني المدمن بعض الشيء، قررت أمل أن تبحث عن مركز علاجي متخصص في معالجة مدمني المخدرات وسألت الأطباء والممرضين والمرضى والمعارف عن أفضل المراكز وأكثرها فعالية ومصداقية وبعد البحث والمقارنة، اختارت مركز الحرية، وهو مركز معروف بسمعته الطيبة وخبرته الطويلة ونجاحه الكبير في مجال علاج الإدمان واتصلت بالمركز وحجزت موعدا لابنها ثم ذهبت إلى ابنها وحاولت أن تقنعه بالذهاب معها إلى المركز والخضوع للعلاج.
في البداية، رفض احمد ابني المدمن فكرة العلاج، وقال لأمه أنه لا يحتاج إلى مركز أو طبيب أو دواء، قال لها أنه لا يعتبر نفسه مدمنا، وأنه يستطيع أن يتوقف عن تعاطي الحشيش بمفرده و
تقدمها المركز والشروط والتكاليف المتعلقة بالعلاج و طلبوا منهما التوقيع على بعض الوثائق والموافقات اللازمة.
أخذوا احمد ابني المدمن إلى غرفة الفحص الطبي لتقييم حالته الصحية والنفسية والمخبرية كما أخبروا أمل أنها يمكنها البقاء مع ابنها لبعض الوقت حتى يتأقلم مع المكان والموظفين، وأنها يمكنها زيارته بشكل دوري والتواصل معه عبر الهاتف أو الإنترنت.
تجربة إبني المدمن مع أعراض الإنسحاب
بدأ احمد ابني المدمن رحلته العلاجية في مركز الحرية، وهي رحلة لم تكن سهلة أو ممتعة وكان يعاني من أعراض الانسحاب الناتجة عن توقفه عن تعاطي الحشيش، مثل القلق والتعرق والاضطرابات الهضمية والأرق والاكتئاب. كان يشعر بالندم والذنب والخوف والحيرة و كان يشعر بالوحدة والملل والضجر. كان يشعر بالغضب والكره والانتقام. كان يشعر بالرفض والمقاومة والهروب.
العلاج النفسي في مركز الحرية
لكنه لم يكن وحيدا في معاناته، فكان يحظى بالرعاية والمتابعة من قبل الفريق العلاجي المتميز في المركز، كانوا يقدمون له العلاج الدوائي المناسب لتخفيف أعراض الانسحاب والحفاظ على صحته العامة و كانوا يقدمون له العلاج النفسي المناسب لمعالجة أسباب وعواقب إدمانه وتعزيز ثقته بنفسه وقدراته.
كانوا يقدمون له العلاج السلوكي المناسب لتغيير مواقفه ومعتقداته وسلوكياته المتعلقة بالحشيش والمخدرات بشكل عام. كانوا يقدمون له العلاج الجماعي المناسب لتشجيعه على التفاعل والتواصل والتعاون مع زملائه المدمنين الآخرين وتبادل التجارب والخبرات والنصائح والدعم.
مصدرا